صمت المكان سرق منه حاسه السمع وعطلها..واولم الجدارمن ظهره مرارا من كثرة استناده عليه ...
ذاكرته
تتفاطر امام عينيه كل صباح ومساء .....تلك البطولات التي جعلها قربانا لوطنه تزوره طيفا كل ساعةواصوات المحتجين تملا اذنيه صخبا وضجيجا...وعويل النساء وبكاء الاطفال سمفونية لا تتكرر
****************
"الحياة دغل" هكذا اخبره جده ذات طفولة...ذات براءة..وهو منهمك في رتق حذاءه...
"لو كان مسيلة بيننا اليوم لكان اماما" تردد امه هذه المقوله بنصف ابتسامه والوجع يتربع في عينيها....
اخذ نفسا عميقا، وحكانفه بهدوء عجوز...كل شيئ يتراجع فيه الى الوراء:حدة صوته،نظرته...حتى ابتسامته التي كان يسحر بها قلوب مستمتعه عنما كان يلقي الخطابات الرنانة في شوارع المدينة
نظر من الشرفة الى القمر المتعالي في السماء ...اراد ان ينطق ببت شعر كان قد حفظه ايام الثانوية : أمانا ايها القمر المطل ........
لكن الكلام تعقن في شفتيه، وتخشب لسانه معلنا صومه عن الكلام... ادرك حينها ان جسده يعيش عمرا زائدا عنه .
في الصباح الباكر فتح الحارس باب السجن والفرحة ترقص في عينيه: يا زعيم..يا زعيم سقط الرئيس...والله سقط.. كل الفضائيات تتحدث عن ذالك
والله سقط................
اقترب منه الحارس مدهوشا ...حرك يديه... حرك راسه...ادرك ان المنية قبلته بالامس، وجد مكتوبا في ذراعه اليسرى بدمه: "يمضي الرجال ويبقى النهج والاثر"