إنّ منهج الإسلام في هذا الصدد يمتاز بالعديد من المزايا من بينها:
1- إنه يعتمد في الإشباع على مبدأ التوسط والاعتدال، فلا تقطير ولا إسراف
ولا حرية مطلقة وفوضى، ولا تسلط وتشدد، وإنما توسط واعتدال في كل شيء.
2-
يسعى الإسلام لتحقيق الإشباع وعدم الحرمان، ولكن الإشباع الحلال والمشروع
والمقيد بقيود النظام والشرع والصالح العام، دون الإشباع الحرام مع إرجاع
إشباع الدوافع لحين تمكن الفرد من الإشباع الحلال كما هو الحال في حالة
الإشباع الجنسي مثلا عن طريق الزواج.
3- يوجه الاهتمام الأكبر إلى إشباع الحاجات الروحية والخلقية والاجتماعية والنفسية في الإنسان، وهي أكثر أهمية في الحاجات المادية.
4-
يتخذ الإشباع في المدرسة الاسلامية، في هذا الصدد شكلا متكاملا بحيث تشبع
جميع حاجات الإنسان ودوافعه ويؤدي هذا إلى أن يشب المسلم شخصية متكاملة
روحياً وخلقيا واجتماعياً وعقلياً ونفسياً وعلمياً ومهنياً. فالمواطن
المسلم مواطن متكامل في شخصيته، لا تطغى عليه المادة، ولا حرمان ورهبانية
في الإسلام.
5- يقوم المنهج الإسلامي في هذا لإشباع على أساس التنظيم
والضبط ووضع القيود والقواعد التي تجعل عملية الإشباع مفيدة ونافعة للفرد
وللمجتمع على حد سواء.
6- ومع الدعوة للإشباع والأكل والشرب من خيرات
الله ومن طيبات الرزق، إلا أن الإسلام يهتم بتربية مواطنيه على أساس من
الزهد في متاع الدنيا وشهواتها وملذاتها وسلطانها وجاهها فالدنيا زائلة
فانية.
وليست الحياة الدنيا سوى رحلة عابرة الهدف منها العمل الصالح
الذي يقود إلى التمتع الأبدي والأزلي بالحياة الآخرة، والجنة وما فيها من
خيرات ونعم، فالحياة الدنيا وما فيها من إشباع ليست هدفا في حد ذاتها،
وإنما هي وسيلة لغاية أكثر سمواً هي الآخرة، والعمل لاكتساب رضاء الله
تعالى.
ولذلك تقضي هذه الفلسفة التربوية في الإسلام على نزعات عبودية
المادة والتكالب على جمع المال والإثراء الفاحش، تلك النزعات التي تتفشى
اليوم. كذلك تمتع من الشره في تناول الطعام والشراب والاكتفاء بالمعتدل
منهما إذ الغاية هي العمل الصالح وعبادة الله سبحانه وتعالى.